توصل تحقيق أجرته “طومسون رويترز” إلى أن البنوك في لبنان “ابتلعت” ما لا يقل عن 250 مليون دولار من أموال المساعدات الإنسانية الأممية المخصصة للّاجئين والمجتمعات الفقيرة في البلاد التي تعاني أسوأ أزمة اقتصادية وسياسية في تاريخها الحديث.
بحسب ما نشرته وكالة “رويترز“، الخميس 17 من حزيران، الخسارة في المساعدات وصفت بأنها “صاعقة” بوثيقة داخلية، صدرت عن الأمم المتحدة وأكدتها مصادر متعددة، في الوقت الذي يصارع فيه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية على الإطلاق، حيث يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وفقًا لـ “البنك الدولي”.
كما تنبع الأزمة من انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، منذ أن بدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار في أواخر عام 2019، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وانتشار الفقر.
لـ متابعة الأخبار العاجلة على الواتساب إضغط هنا
كيف تضرر اللاجئون والفقراء؟
وكانت أسعار صرف البنوك اللبنانية قد أثرت على اللاجئين السوريين والفلسطينيين واللبنانيين الفقراء بشكل خاص إذ تركتهم عاجزين عن شراء احتياجاتهم الأساسية بمبالغ المساعدات النقدية التي يتلقونها من الأمم المتحدة.
فقبل الأزمة، كان اللاجئون والفقراء من اللبنانيين يتلقون معونة شهرية قدرها 27 دولاراً، أي ما يعادل 40,500 ليرة لبنانية، من برنامج الأغذية العالمي. حالياً، ارتفع المبلغ إلى نحو 100,000 ليرة لبنانية للفرد، لكن قيمته الحقيقية باتت لا تتجاوز سبعة دولارات تقريباً.
وأكد مسؤول إغاثة ودبلوماسيان من الدول المانحة للبنان لرويترز أن ما بين ثلث ونصف المساعدات النقدية المباشرة التي قدمتها الأمم المتحدة في لبنان “امتصتها” البنوك منذ بداية الأزمة عام 2019.
وأضاف المسؤول الإغاثي أنه خلال عام 2020 والأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، استبدلت البنوك الدولارات لصالح وكالات الأمم المتحدة بمعدلات أقل بنسبة 40% في المتوسط من سعر السوق. وتلقى لبنان نحو 1.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية خلال العام 2020.
رويترز: وفيـ.ـات فيـ.ـروس كـ.ـورونا في العالم تتجاوز 4 ملايين
وبينما أبقى لبنان على سعر الصرف الرسمي عند 1500 ليرة للدولار، عجزت الدولة عن تطبيق هذا السعر إلا على حفنة من السلع الأساسية إذ يجب شراء جميع الواردات الأخرى بأسعار صرف أعلى بكثير يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
غالبية الخسائر جراء فرق سعر الصرف حدثت لبرنامج مساعدات الأمم المتحدة لعام 2020 (LOUISE) بقيمة تناهز 400 مليون دولار. يوفر البرنامج تمويلاً شهرياً للغذاء والتعليم والنقل لنحو مليون لاجئ سوري في لبنان. ويعيش كل تسعة من أصل 10 منهم في فقر مدقع، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وقدّر تقييم داخلي للأمم المتحدة، في شباط/ فبراير الماضي، أن البنوك اللبنانية التي يتم تحويل المساعدات عبرها “ابتلعت” نحو نصف قيمة أموال البرنامج.
لبنان ينفي عن نفسه التهمة:
وكانت جمعية مصارف لبنان (ABL)، التي تمثل البنوك التجارية في البلاد، قد نفت استغلال المساعدات لزيادة رأس مالها، بينما قالت إن الأمم المتحدة كان يمكنها طلب التوزيع بالدولار أو التفاوض على سعر صرف أفضل مع البنك المركزي اللبناني.
بمقارنة معدلات تحويل البنوك للدولار الأمريكي مع أسعار الصرف في السوق لحساب مقدار المساعدات المفقودة، وجدت رويترز خسائر تقدر بنحو 200 مليون دولار عامي 2019 و2020 وما لا يقل عن 40 مليون دولار حتى الآن. وتتناسب هذه الأرقام مع التقييم الداخلي للأمم المتحدة.
وقال متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي لرويترز إن البرنامج الخاص بالمساعدات النقدية الشهرية لـ105 آلاف لبناني، بقيمة 23 مليون دولار العام الماضي، استخدم نفس أسعار الصرف غير المتناسبة، ما أدى إلى خسارة نحو نصف الأموال لصالح البنوك.
قلق الدول المانحة:
هذا الأمر زاد من قلق الدول المانحة للبنان حيث قال:” دبلوماسي غربي مشترطاً عدم كشف هويته: “لقد كنا أكثر من مستعدين للاستثمار في مساعدة الناس، لكننا بحاجة إلى نظير موثوق به لن يحصل على مصروف الجيب الذي نتحمل المسؤولية عنه في نهاية المطاف في الداخل”.
وأكد متحدث باسم اليونيسف للوكالة أن الهيئة الأممية المعنية بالطفولة “مهتمة للغاية بأن يتلقى المستفيدون القيمة الكاملة للتحويلات النقدية”، وهذا ما دفعها لإعادة التفاوض حديثاً لتوفير سعر قريب من سعر السوق.