سوريا

مصطفى شاطر أوغلو | ما بعد استشهاد إسماعيل هنية !

مصطفى شاطر أوغلو – رأي

شاركنا في التجمع الذي أقيم في ميدان السلطان أحمد في إسطنبول قبل أيام قليلة بناءً على دعوة من إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس ورئيس وزراء الحكومة السابقة في غزة. حضر التجمع حشود كبيرة من النساء والرجال بحماس ووعي كبيرين. وبعد انتهاء التجمع مباشرةً، أدينا صلاتي المغرب والعشاء في جامع آيا صوفيا الكبير، ثم عدنا إلى منازلنا بصلواتنا وأحزاننا بحلول منتصف الليل تقريباً.

كان إسماعيل هنية واحداً من أبرز الشخصيات في حركة الجهاد الإسلامي وفي الدفاع عن فلسطين المقدسة والمسجد الأقصى. للأسف، لم يتمكن العالم الإسلامي الذي يضم 1.5 مليار مسلم من تقديم الدعم الكافي له في الطريق المقدس الذي دافع عنه لسنوات. لقد اضطر للاستعانة بإيران، التي تزعمت الشيعة الذين كنا دائماً نشك في صدقهم، وكانوا السبب الرئيسي في الفتن الكبرى في العالم الإسلامي، والتي استخدمت القضية الفلسطينية لتحقيق مصالحها السياسية عبر سياسة توتر دائمة مع إسرائيل.

للأسف، تعرض هنية للاغتيال الجبان خلال زيارته الأخيرة لإيران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب حديثاً، حيث لم يتم اتخاذ التدابير الأمنية الكافية من قبل الحكومة الإيرانية لحمايته. كان الشهيد إسماعيل هنية يفخر دائماً بانتمائه لعائلة تركية من منطقة يوزغات، والتي استقرت في فلسطين بناءً على توجيهات السلطان العثماني العظيم يافوز سلطان سليم، لحماية طرق الحج، وكان يشعر بفخر كبير لقيامه بدور حامل لواء الجهاد الإسلامي. هذا الاغتيال الغادر لهنية تسبب في حزن عميق في العالم الإسلامي وخاصةً في الأوساط التركية.

لقد كانت تضحيات عائلة إسماعيل هنية وشهدائها في سبيل نجاح الجهاد الفلسطيني دليلاً على إخلاصهم الكبير، وجهودهم وتضحياتهم كانت معروفة جيداً لدى المؤمنين الذين يعتزون بإيمانهم ووعيهم بالجهاد. نسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة وأن يجعله في مقام عالي ومبارك.

إلى جانب انتماء إسماعيل هنية لعائلة تركية، يجب أن نعلم أن كتائب عز الدين القسام، التي لعبت دوراً كبيراً في الدفاع عن غزة ضمن القضية الفلسطينية، قد تم تشكيلها من قبل ضابط عثماني، وأنها تحمل اسم وروح القسام تخليداً لذكراه. كما يجب أن نعلم أن هناك عناصر تركية مقيمة في منطقة غزة منذ عهد السلطان نور الدين زنكي والقائد العظيم صلاح الدين الأيوبي، مما يجعل هذا الأمر ذا أهمية بالغة.

إننا كأمة تركية وكدولة جمهورية تركيا، يجب علينا أن نقدم أكبر دعم للدفاع عن غزة ضمن القضية الفلسطينية، وهذه حقيقة تاريخية تفرض علينا مسؤولية تجاهها تجعلنا ملزمين بتقديم تضحيات أكبر من أي دولة أخرى في العالم الإسلامي. الحقيقة الأكثر إيلامًا في هذا السياق هي أننا رغم انتصارنا في الحرب الأولى والثانية على غزة، فقد خسرنا الحرب الثالثة بسبب الخيانات التي تسللت إلى الجيش العثماني، وكأننا سلمنا فلسطين بأكملها ومدينة القدس المقدسة بأيدينا إلى البريطانيين.

في رأيي، تبدأ مشكلة القضية الفلسطينية الحقيقية من هنا، حيث مهد هذا الأمر الطريق لتأسيس الدولة الإرهابية الإسرائيلية الملعونة. إن مسؤوليتنا كأمة تركية تكمن للأسف في هذا الحق التاريخي الذي لا يُعرف بما فيه الكفاية.

في هذه المرحلة الأخيرة من الجهاد الفلسطيني التي بدأت بعاصفة الأقصى، فإن الهجمات التي تجاوزت 300 يوم من قبل الدولة الإرهابية الإسرائيلية المجرمة وقوات الغرب الداعمة لها لم تحقق أهدافها حتى الآن. نحن نؤمن بإذن الله أن الشعب الفلسطيني البطل، ومقاتلي كتائب عز الدين القسام الشجعان في غزة، سيحققون النصر في نهاية هذه المعركة، التي أظهرت بعد الاغتيال الجبان للشهيد العزيز إسماعيل هنية، عزيمة وإصرارًا أكبر.

في هذه الحرب، التي تُعتبر من أكثر الحروب وحشية وعدم تناسب في التاريخ حيث سقط حوالي 50,000 شهيد، فإن العالم الإسلامي والبشرية جمعاء لن يتمكنوا من تبرير عدم تقديمهم الدعم الكافي أمام الله. النظام الإسرائيلي القاتل على وشك إشعال حرب عالمية ثالثة، ويبحث عن توريط الشرق الأوسط في الدماء، متعاونًا مع نظام إيران الشيعي السري، مما يضع البشرية في خطر كبير.

تركيا تواصل تحضيراتها لمواجهة هذه التطورات، وقد كانت تحذيرات رئيس جمهوريتنا السيد رجب طيب أردوغان ضد إسرائيل كافية لزعزعة معنوياتها بشكل كبير. بفضل النجاحات الاستثنائية التي أظهرتها الأمة التركية في مجال الصناعات الدفاعية، فإننا نمضي بإذن الله نحو مزيد من القوة. وكما تدخلنا في كاراباخ وليبيا، فإن الأيام التي سنقدم فيها الدعم اللازم لغزة باتت قريبة. الإرهابيون الإسرائيليون لم يعد لديهم القوة المعنوية للتقدم أكثر.

إيماننا ودعمنا المعنوي سيكونان، بإذن الله، بأيدٍ فلسطينية وأيدي كتائب القسام بشكل أكبر من الآن فصاعدًا. علينا أن ندرك أن الهدف الحقيقي للإرهاب الإسرائيلي ومن يقف خلفه هو تركيا، ولذلك يجب أن نعزز وحدتنا وتضامننا.

يجب علينا الآن أكثر من أي وقت مضى أن نقدم المساعدة لفلسطين وأن نزيد من دعمنا في كل مجال.

لا ننسى أن خط دفاع تركيا هو غزة! هو فلسطين!

مصطفى شاطر أوغلو – كاتب تركي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

فضلا تعطيل إضافة حاجب الإعلانات لتصفح الموقع