ميديا

مكالمات “واتساب” المجهولة… بين الشائعات والحقيقة

 

جعفر بدران

في الأشهر الأخيرة، شهد كثير من مستخدمي تطبيق “واتساب” حول العالم موجة من المكالمات الواردة من أرقام أجنبية مجهولة. هذا الأمر أثار قلقاً واسعاً، خصوصاً مع انتشار إشاعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تزعم أن مجرد الرد على هذه المكالمات يؤدي مباشرة إلى اختراق الهاتف وسرقة البيانات.

لكن التدقيق في هذه المزاعم يكشف أنها لا تستند إلى أي أساس تقني أو علمي. التطبيقات مثل “واتساب” تخضع لبنية حماية عالية، ولا يمكنها تثبيت برمجيات خبيثة أو نقل بيانات من جهاز المستخدم دون إذن واضح وصريح. ما يتم ترويجه ليس سوى شائعات هدفها إثارة الخوف وزيادة التفاعل على حساب وعي المستخدمين.

أين يكمن الخطر الحقيقي؟

المخاطر الأمنية الحقيقية لا تتعلق بالرد على المكالمة، بل تتمثل في خطوات قد يقوم بها المستخدم عن غير قصد، ومنها:

النقر على روابط مجهولة المصدر: كثير من المخترقين يستخدمون الرسائل الاحتيالية (Phishing) لاستدراج الضحية إلى صفحات وهمية.

تنزيل ملفات غير آمنة: مثل الصور أو التطبيقات المزيفة التي تحتوي برمجيات خبيثة.

مشاركة البيانات الشخصية: كإرسال كلمات المرور أو أرقام الحسابات البنكية أو حتى معلومات بسيطة قد تُستغل لاحقاً في عمليات أكبر.

هذه هي النوافذ التي يطرقها المخترقون للوصول إلى أجهزتنا وبياناتنا، أما المكالمات المجهولة نفسها فهي مجرد وسيلة إزعاج ما لم تترافق مع محاولات احتيالية لاحقة.

ما الذي يمكن للمستخدم فعله؟

لحماية نفسك من هذه الظاهرة، يُنصح بالتالي:

1. تجاهل الأرقام المجهولة وعدم الرد أو إعادة الاتصال إلا بعد التحقق من هوية المتصل.

2. عدم النقر على الروابط المرسلة من جهات غير موثوقة.

3. استخدام الإعدادات الأمنية في واتساب مثل حظر الأرقام المزعجة وتفعيل التحقق بخطوتين.

4. الوعي واليقظة: إدراك أن التكنولوجيا بحد ذاتها ليست خطراً، إنما طريقة تعاملنا معها هي ما يحدد مستوى الأمان.

 

الوعي قبل الخوف

إن أخطر ما يمكن أن يواجه المستخدم اليوم ليس التكنولوجيا ذاتها، بل المعلومات المضللة التي تنتشر بسرعة عبر الفضاء الرقمي. نشر الإشاعات حول “الاختراق الفوري عبر الرد على المكالمات” يزرع الخوف غير المبرر ويُبعد الناس عن الوعي التقني المطلوب.

الحقيقة البسيطة هي أن أمان جهازك يبدأ وينتهي عندك: ما لم تضغط على رابط مشبوه أو تقدم بياناتك لشخص مجهول، لن يتمكن أحد من اختراقك عبر مجرد مكالمة.

فلنستبدل الخوف بالمعرفة، والإشاعة بالوعي، لأن الحماية الحقيقية في هذا العالم الرقمي المتسارع تبدأ من المستخدم نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

فضلا تعطيل إضافة حاجب الإعلانات لتصفح الموقع