سعود صياح | رأي
منذ أن خسرنا مناطق شرق السكة وبعدها الريف الشمالي لحماة والريف الجنوبي لأدلب ثم المدن والبلدات الواقعة على طول إمتداد الطريق الدولي (M5) تخرج علينا أقلام سوداء وأصوات برتقالية وحوارات ومناشير زرقاء تتكلم عن عودة النازحين لقراهم منذ أيام شرق السكة ونهاية بالخسارة الأخيرة.
ومايزال الشعب يصدق تلك الأخبار رغم مواكبته كذبها وتأكده من عدم مصداقيتها، بل على العكس توالت الخسائر الجغرافية بعد كل وعد، فننسى ما كنا نريد العودة اليه سابقاً ونبدأ التفكير بالعودة لما خسرناه مُؤخراً.
وتستمر المسرحية لنعيش واقع وعود العودة وسط تفاهمات دولية تشير لخسارة المزيد وهي حسب الاتفاق الروسي التركي ستستمر عند توافر شروط تطبيقها.
فهل هذه الوعود الإيجابية مقصودة ولها غايات حيث يتم نثرها في وسائل التواصل الإجتماعي ثم تنتشر انتشار النار في الهشيم، أم أن هذه الوعود يطلقها هواة الرجم بالغيب أو هواة الشهرة.
مهما كانت أسباب خروج تلك الوعود أو من يقف وراؤها، فهي ليست إلا رجماً بالغيب وتُجسّد تشوُّهاً في فهم الأحداث وضغف في متابعتها، كما أنها تكشف ما وراء كلمات الساسة و ماخفي من مُخرجات الاتفاقيات.
تلك الوعود ما تلبث أن تنتشر بين الناس كونها تهمهم وتستهدف مافي قلوبهم و تفكيرهم
وسط معاناة نزوحهم في مجتمع لم يذق أكثره طعم الثورة، مما زاد على ألم خسارة الأرض ألم التهجير.
في الُخُلاصة: العودة ليست قريبة وحتى طبيعة العودة المرسومة حالياً لا تُناسب الكثيرين إن تم تطبيقها و توافرت مقوماتها تحققها، لأجل ذلك لا تفكروا بالعودة ولا تنتظروها رحمةً بأعصابكم ورأفة بتفكيركم، حاولوا التكيف مع أمر واقع مفروض لا نعلم إلى أين سينتهى و متى سيتغير
و من يدّعي العلم والتحليل بتحديد وقت أو زمن لا يعلم تفاصيل القضية بكل أبعادها.
العودة الكريمة بالمعارك تستوجب حدوث تغيرات كبيرة بمواقف دولية وخلافات أو طريق مسدود بين الروس والأتراك وهي تسير بشكل جيد حتى الآن فيما بينهم، وتسير باتجاه خسارتنا لمناطق أخرى إن توافرت شروط تطبيقه إضافةً إلى سيناريو كل خسارة، أي أن تحصل تركيا على ما يرضيها بملفات عسكرية أو ملفات تخص الثروات أو ما يتعلق بالجغرافيا كمناطق شمال حلب أو شرق الفرات أو في ليبيا.
وكلها ملفات معقدة و غير منتهية حتى الأن ومرتبطة باتفاق الملحق الذي لم يتم الانتهاء من أول مراحل تطبيقه، وهي الدوريات مع توافقات بالخطوط العريضة واختلافات في التفاصيل بين الطرفين الروسي والتركي على تطبيق مراحل أُخرى، إلا أن أمورهم تسير بتقدم وهذا ماصرّح به الروس واثبته وقوع العديد من الأحداث بين الطرفين، ولعل آخرها التدريبات المشتركة في النيرب، إضافة لتعلق كل ذلك بتوافق مع بعض الدول المعنية بالملف السوري.
والدول التي تريد الحصول على حصتها من الكعكة السورية بالثروات أو الجغرافيا أو حتى دعم أطراف انفصالية وقومية لغايات مستقلبلة مع حسابات الجميع للمرحلة القادمة من الصراع والتنافس بين الدول والبصمة الأمريكية بالملف السوري ما تزال متذبذبة بعد عشرة أعوام تجعجع دون طحين.
نقطة مهمة: الملف السوري أصبح ملف دولي وهذا ما يجعل الكثيرون يخطؤون في تقدير المواقف والتوقعات وحتى مخرجات التحليلات و تحولت القضية من معارضة ونظام إلى دول و كيانات وخرجت المعارضة و النظام من المعادلة و لا ننسى أن المعارضة السياسية للثورة هي معارضة خائنة للثورة وعميلة لمن جعل أفرادها يلعبون بالمال.
هناك قرارات دولية كثيرة أهمها 2254 الصادر بعام 2015 وغيرها، لم يُطبق منها شي لتبقى سوريا ساحة صراع وتنافس لا يكاد ينتهي و لن تنتهي إلا بتوافق دولي لمخططات ترضيهم و امتيازات تسعدهم.
فهل تعتقد بوجود أمل قريب لتغيّر معادلة التفاهمات و المواقف الدولية أو نشوب خلاف تركي روسي على اساسه تكون العودة ؟!
وهل ستعود إلى أرضك إن كانت ضمن إدارة روسية تركية و بوجود شرطة مدنية لميليشيا النظام و تحت ظل العلم السوري ؟