
الرئيس الشرع يزف البشريات للشعب السوري
أصدر السيد الرئيس أحمد الشرع ثلاثة مراسيم تشريعية وصفت بأنها تحمل “بداية مرحلة جديدة في تاريخ سوريا المعاصر”، إذ تستهدف هذه المراسيم معالجة ملفات إنسانية وحقوقية طال انتظارها، وترسيخ أسس دولة القانون والمحاسبة، وبناء مؤسسات حديثة وفعالة.
مرسوم 18: إعادة هيكلة التخطيط الوطني وإدارة التعاون الدولي
بموجب المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2025، تم تغيير اسم “الهيئة العامة للتخطيط والتعاون الدولي” إلى “هيئة التخطيط والإحصاء”، مع تعديل مهامها وصلاحياتها لتواكب الاحتياجات الجديدة للدولة في المرحلة الانتقالية.
ووفق نص المرسوم، فقد أصبحت مهمة التخطيط التنموي والاقتصادي أكثر استقلالية، بينما أُسند ملف التعاون الدولي بالكامل إلى وزارة الخارجية والمغتربين، بهدف تعزيز التنسيق السياسي والدبلوماسي في هذا المجال، ودمج البُعد الخارجي بالتخطيط الاستراتيجي للدولة.
المرسوم جاء ليؤكد توجه الدولة نحو تحديث البنية الإدارية وتجاوز البيروقراطية السابقة، من خلال فصل المهام التخصصية وإعطاء كل جهة وظيفتها الدقيقة.
اقرأ أيضا: فيديو مضلل لهروب طلاب جامعيين من دمشق نحو السويداء
مرسوم 19: إنشاء الهيئة الوطنية للمفقودين – ذاكرة الوطن وحقوق ذويهم
أما المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2025، فقد أسّس لأول مرة في تاريخ سوريا هيئة وطنية مستقلة تُعنى بملف المفقودين والمختفين قسرًا، وهو أحد أكثر الملفات حساسية وألمًا في الوجدان السوري.
تحمل الهيئة الجديدة اسم “الهيئة الوطنية للمفقودين”، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وتُناط بها المهام التالية:
-
إجراء عمليات البحث والكشف عن مصير المفقودين من مختلف الجهات والمراحل.
-
التنسيق مع المؤسسات الرسمية والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية.
-
إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة تشمل حالات الاختفاء والتوثيق الكامل للوقائع.
-
تقديم الدعم القانوني والاجتماعي والنفسي لعائلات الضحايا.
وقد تم تعيين السيد محمد رضا جلبني رئيسًا للهيئة، وهو شخصية حقوقية معروفة بسجله في قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
تأسيس الهيئة جاء استجابة لمطلب شعبي طال انتظاره، ويُعدّ خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة الإنسانية وتعافي المجتمع من آثار الحرب والانقسام.
مرسوم 20: العدالة الانتقالية في سوريا… لأول مرة
في خطوة مفصلية أخرى، أصدر الرئيس الشرع المرسوم التشريعي رقم 20 لعام 2025، الذي ينص على تشكيل “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، وهي هيئة مستقلة تُعنى بكشف الحقيقة، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة، وتحقيق جبر الضرر للضحايا، كمقدمة لإجراء مصالحة وطنية عادلة وشاملة.
تتمثل مهام الهيئة بـ:
-
توثيق الانتهاكات التي وقعت خلال العقود الماضية، بما فيها تلك المرتكبة في سياق الصراع.
-
العمل على كشف الحقيقة وإنصاف الضحايا وذويهم.
-
وضع برامج لجبر الضرر، وضمان عدم التكرار.
-
المساهمة في صياغة الذاكرة الوطنية الجماعية.
وقد تم تعيين السيد عبد الباسط عبد اللطيف، وهو قاضٍ سابق وناشط في مجال المصالحة المجتمعية، رئيسًا للهيئة.
هذه الخطوة تُعدّ سابقة في التاريخ السوري، إذ تضع البلاد على طريق معالجة الجراح العميقة عبر أدوات العدالة، لا عبر النسيان أو الإقصاء.
الرئيس الشرع: نريد دولة قانون وعدالة ومصالحة
المراسيم الثلاثة تعكس الرؤية التي أطلقها الرئيس أحمد الشرع منذ توليه منصبه، والتي تقوم على بناء دولة حديثة لا تقوم على الانتقام، بل على المساءلة، ولا تُدار بالخوف، بل بالثقة وسيادة القانون.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوات تحمل إشارات قوية للمجتمع المحلي والدولي على حد سواء، بأن سوريا تدخل في مرحلة جديدة تُعلي من شأن الحقوق، وتفتح الملفات المسكوت عنها، وتكرّس مبادئ العدالة والشفافية والمشاركة.