دولي

بريطانيا تستنفر قواتها في أوروبا الشرقية لمواجهة غزو روسي محتمل لأوكرانيا

لندن- الاندبندنت

أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، السبت 29 يناير (كانون الثاني)، أن بلاده ستقترح على حلف شمال الأطلسي نشر قوات وأسلحة وسفن حربية وطائرات مقاتلة في أوروبا، في إطار عملية انتشار عسكري “كبيرة”، رداً على تصاعد “العداء الروسي” تجاه أوكرانيا.

وأشار مكتب رئيس الوزراء البريطاني إلى أن هذا الاقتراح الذي يُفترض تقديمه خلال اجتماع للقادة العسكريين للحلف الأطلسي الأسبوع المقبل، قد يؤدي إلى مضاعفة عديد القوات البريطانية المنتشرة حالياً في أوروبا الشرقية، وتوفير “أسلحة دفاعية” لإستونيا.

اقرأ أيضا: “الاندبندنت” تكشف أهداف سيف الإسلام القذافي من الترشح للانتخابات الرئاسية الليبية

وقال جونسون في بيان مساء السبت، إن مجموعة الإجراءات هذه “ستبعث رسالة واضحة إلى الكرملين – لن نتسامح مع نشاطهم المزعزع للاستقرار، وسنقف دائماً إلى جانب حلفائنا في الناتو، في مواجهة العداء الروسي”. وأضاف “أصدرتُ الأمر لقواتنا المسلحة بالاستعداد لنشر قوات في أوروبا الأسبوع المقبل، لضمان قدرتنا على دعم حلفائنا في الناتو براً وبحراً وجواً”.

واعتبر رئيس الوزراء البريطاني أنه إذا اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “إراقة الدماء والدمار” في أوكرانيا، فسيكون ذلك “مأساة لأوروبا”، قائلاً إن “أوكرانيا يجب أن تكون حرّة في اختيار مستقبلها”.

وكان جونسون الذي يتعرّض لضغوط سياسية داخلية منذ أسابيع، قال الجمعة (28 يناير) إنه سيتحدث إلى بوتين هاتفياً في الأيام المقبلة لحضّه على وقف التصعيد بشأن أوكرانيا.

وبالإضافة إلى هذه المكالمة الهاتفيّة، يُجري رئيس الوزراء البريطاني جولة في المنطقة خلال الأيّام المقبلة.

وبلغت العلاقات بين روسيا والغرب أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.

ويُرتقب أن تُعلن لندن الاثنين (31 يناير) تشديد نظامها الخاصّ بالعقوبات، من أجل أن تتمكّن المملكة المتحدة من استهداف مصالح استراتيجية ومالية لموسكو، في ضوء اتهامات موجَهة إليها بغضّ الطرف عن تدفّق الأموال الروسية إلى أراضيها.

وسيتمّ إيفاد مسؤولين بريطانيين إلى بروكسل، مقرّ قيادة الناتو، لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل العرض العسكري البريطاني، بعد مناقشة الوزراء يوم الاثنين للخيارات المختلفة المتاحة أيضاً. وفي اليوم التالي، يُطلع رئيس هيئة أركان الدفاع البريطاني توني راداكين، مجلس الوزراء على الوضع في أوكرانيا.

ووفقًا لمكتب جونسون، فإن النشر المحتمل لطائرات وسفن حربية ومتخصصين عسكريين وقوّات وأسلحة سيُقوّي دفاعات الأطلسي ويعزز “دعم المملكة المتحدة لشركائها”.

يُذكر أن لدى بريطانيا 900 عسكري يتمركزون في إستونيا وأكثر من 100 في أوكرانيا، في إطار مهمة تدريبية بدأت في عام 2015. كما يوجد حالياً نحو 150 جندياً بريطانياً من وحدة مدرعات خفيفة في بولندا.

وقال داونينغ ستريت (مقر الحكومة البريطانية) إن حاملة الطائرات “إتش. إم. إس. برينس أوف ويلز” في منطقة القطب الشمالي، هي في حالة تأهّب “إذا ما استمر تصاعد التوتر”.

على الصعيد الدبلوماسي، من المقرر أن يتوجه وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان ليز تراس وبن والاس إلى موسكو، لإجراء محادثات مع نظيرَيهما الروسيَين في الأيام المقبلة. وبحسب داونينغ ستريت “سيعملان على تحسين العلاقات مع الرئيس بوتين والتشجيع على التهدئة”.

إمدادات دم

في موازاة ذلك، نفت نائبة وزير الدفاع الأوكراني هانا ماليار، ما نقلته وكالة رويترز عن ثلاثة مسؤولين أميركيين أن روسيا نقلت إمدادت دم ومواد طبية أخرى إلى قواتها المحتشدة بالقرب من حدود أوكرانيا، في ما يراه الأميركيون مؤشراً آخر جديداً على اتساع الاستعدادات العسكرية الروسية لتنفيذ هجوم عسكري إذا قرر بوتين ذلك.

وقالت المسؤولة العسكرية الأوكرانية على “فيسبوك”، السبت 29 يناير (كانون الثاني)، “هذه المعلومات غير صحيحة. مثل هذه ’الأخبار‘ هي أحد عناصر الحرب الإعلامية والنفسية. الغرض من مثل هذه المعلومات هو نشر الفزع والخوف في مجتمعنا”.

وكان الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي انتقد، الجمعة (28 يناير)، ما وصفه بأنه “إحساس في الخارج” بأن حرباً بدأت بالفعل ضد أوكرانيا. وقال للصحافيين في كييف، “لسنا بحاجة إلى هذا الفزع”.

وجاء تعليق نائبة وزير الدفاع الأوكرانية بعدما نقلت وكالة “رويترز” عن ثلاثة مسؤولين أميركيين، إن الحشد العسكري الروسي قرب حدود أوكرانيا اتسع ليشمل إمدادت الدم إلى جانب مواد طبية أخرى تسمح بعلاج المصابين، وذلك في مؤشر آخر جديد على الاستعدادات العسكرية الروسية.

ويقول مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إن مؤشرات مهمة، مثل إمدادات الدم، أساسية في تحديد ما إذا كانت موسكو مستعدة لتنفيذ غزو إذا قرر بوتين ذلك. ويضيف الكشف عن إمدادات الدم من جانب المسؤولين الأميركيين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، بعداً إلى التحذيرات الأميركية المتنامية من أن روسيا يمكن أن تكون تستعد لغزو جديد لأوكرانيا في وقت تحشد فيه أكثر من 100 ألف جندي بالقرب من حدودها.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد تحدثت عن نشر “دعم طبي” في إطار الحشد الروسي. لكن الكشف عن إمدادات الدم يضيف مستوى أعلى من الكشف عن التفاصيل يقول الخبراء إنه أساسي في تحديد المدى الذي وصل إليه الاستعداد العسكري الروسي.

“اليقظة والحزم”

ودعت السلطات الأوكرانية الدول الغربية السبت، إلى إظهار “يقظة وحزم” في مفاوضاتها مع روسيا.

وخلال مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إلى “إعطاء الأولوية لتسوية سياسية ودبلوماسية” للأزمة. وأفادت كييف بأن الوزيرين شددا على أهمية “الامتناع عن اتخاذ إجراءات من شأنها تأجيج القلق” في المجتمع الأوكراني، و”التأثير سلباً على الاستقرار المالي” في الجمهورية السوفياتية السابقة، إحدى أفقر دول أوروبا.

كذلك، شكر كوليبا فرنسا لعدم إجلائها عائلات دبلوماسييها الموجودين في أوكرانيا، بخلاف ما قامت به دول عدة بينها الولايات المتحدة، في إجراء أثار انتقاد كييف.

إرسال قوات أميركية إلى أوروبا

ويواصل الرئيس الأميركي جو بايدن الضغط على نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الأزمة الأوكرانية مع إعلانه إرسال عدد محدود من الجنود الأميركيين إلى أوروبا الشرقية، حتى وإن كان كبار مسؤولي البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) يؤيدون مسعى دبلوماسياً جديداً.

وفيما ناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الدول الغربية عدم إثارة “الذعر” بسبب الحشود العسكرية الروسية على حدود بلاده، توافق بوتين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على “ضرورة نزع فتيل التصعيد”.

وحتى الآن، لم يبدِ بوتين ولا نظراؤه الأوروبيون والأميركيون استعداداً للتراجع في الأزمة المستمرة منذ أسابيع وتعد الأسوأ في عقود بين روسيا والغرب. لكن بحسب مساعد ماكرون، فإن بوتين أبلغ الرئيس الفرنسي أنه “لا يسعى إلى المواجهة”.

ومع ذلك، قال بايدن الجمعة في واشنطن إنه سيرسل “قريباً” عدداً صغيراً من الجنود الأميركيين لتعزيز قوات حلف الأطلسي (ناتو) في شرق أوروبا وسط تصاعد التوتر.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قد وضعت نحو 8500 جندي أميركي في حالة تأهب لاحتمال نشرهم في أوروبا وسط التعزيزات العسكرية الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية.

وشدد بايدن مجدداً على أنه لن يرسل قوات أميركية إلى أوكرانيا التي ليست عضواً في التحالف العسكري.

وسيُشكل إرسال قوات إلى دول أوروبا الشرقية وسيلة إضافية للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تعتقد الإدارة الأميركية أنه قد يشن هجوماً على أوكرانيا في فبراير (شباط).

فرنسا سترسل مئات الجنود إلى رومانيا

كما أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، السبت، أن باريس تنوي إرسال “عدة مئات” من الجنود إلى رومانيا في إطار نشر محتمل لقوات من حلف شمال الأطلسي.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان أيف لودريان أنه سيزور اوكرانيا مع وزيرة الخارجية الألمانية أناينا بيربوك في مطلع فبراير (شباط).

وقالت بارلي لـ”إذاعة فرانس انتر” إن “هذا هو السبب الذي دفعني إلى الذهاب إلى رومانيا الخميس. تحدثنا طبعاً مع شركائنا الرومانيين عن هذه المسألة”، وذلك بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في 19 يناير، “استعداد” فرنسا للمشاركة في “مهمّات جديدة”، “خصوصاً في رومانيا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

فضلا تعطيل إضافة حاجب الإعلانات لتصفح الموقع