أحمد خوجة – صحفي سوري
في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب والذي يصادف السادس والعشرين من حزيران نرى حكومات وشعوب ووسائل إعلام تساند ضحايا التعذيب في كل مكان وتبدأ التغطيات الاعلامية والندوات والحوارات وورشات العمل ذات الصلة كما نشهد تصريحات منددة بالجريمة خاصة من الأمم المتحدة التى أقرت إتفاقية مناهظة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية والمهينة ،حيث تعتبر هذه الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في العام سبعة وثمانين وتسعمائة وألف، والتي تصادق عليها اليوم مئة واثنان وستين دولة إحدى الأدوات الرئيسية في مكافحة هذه الجريمة .
أيضًا نذكر صندوق التبرعات لضحايا التعذيب والذي أنشأته أيضا الأمم المتحدة في العام واحد وثمانين ويهدف “لمساعدة الأشخاص الذين انتهكت حقوقهم نتيجة التعذيب لاستعادة كرامتهم وتمكينهم من إعادة بناء حياتهم ” كما صرحت السيدة نافانيثيم بيلاي مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان لدى حديثها عن الصندوق الذي تديره بمشورة مجلس أمناء مؤلف من خبراء مستقلين .
من جهتها أصدرت منظمة العفو الدولية مؤخراً تقريراً يوثق ارتكاب مئة وواحد وأربعون بلدًا لـ أعمال تعذيب وإساءة ضد مواطنيها .
أول ما يتبادر للذهن فورًا سماع التصريحات والتقارير ذات الصلة، لذلك ما الذي يمنع الهيئات الدولية أن تذكر المجرم وتبينه وتصدر توصياتها على الأقل للدول الأعضاء في مجلس الأمن بتحمل مسؤولياتها كما ينص الفصل السابع والمادة رقم تسعة وثلاثين والتي تلزم مجلس الامن باتخاذ قرار إذا وقع تهديد للسلم أو أي إخلال به في أي مكان من العالم، والتعذيب ينطبق عليه ما تنصه المادة المذكورة .
التناقض الكبير بين التصريحات والأفعال وبين الاتفاقيات والنشاطات على الارض صادم وغير معقول، كمثال نذكر الدور الأميركي في الشرق الأوسط ودعم واشنطن لبعض الحكومات والميليشيات التي تمارس شتى أنواع التعذيب والإرهاب حسب تقارير كثيرة منها ممارسات تنظيم pkk الإرهابي الذي يتلقى دعمًا أمريكياً منذ سنين بالرغم من الملف المتخم بالانتهاكات الإنسانية من تعذيب وإخفاء قسري وإرهاب وتجنيد للأطفال، آخرها كان مقتل الشاب “أمين عيسى أمين” المولود في ريف الدرباسية شمال شرق سوريا سنة 1986، تحت التعذيب بعد اعتقال تعسفي دام سبع وعشرين يوماً حسب ما صرحت عائلة الفقيد التي تسلمت جثمانه الذي تظهر عليه اثار تعذيب غطت ملامحه كما صرح “هجار امين” ابن عمه حيث قال لم أعرف ابن عمي بسبب التعذيب الذي تعرض له ، وعرفته من الوشم الذي كان على كتفه حيث تم ابلاغه من قبل الطبيب عبد القادر العبدو صديق العائلة الذي يعمل في مشفى الشعب بالحضور للتعرف على الجثة بعد ايداعها لديهم من قبل قوات الاسايش وكتب في السجل شخص “مجهول”
، ورغم تقرير الطبيب الشرعي في المشفى المذكور والذي ذكر أن الجثة تظهر اثار ضرب على الركبة وضربات قاسية بآلة حادة على الرقبة وخلف الرأس فضلا عن حروق في اليدين من تحت الإبط الى الكف واثار واضحة لصعق كهربائي على البطن والخصيتين الا أن ما يسمى بالاسايش انكرت الواقعة وماطلت كثيرا بالرد على أي استفسار الى أن أبرزت تقرير لطبيب يذكر فيه ان سبب وفاة “أمين” هو جلطة دماغية .
ممارسات أشبعتنا سياسة أميركا برفضها المطلق لها في كل خطاب ومناسبة ، والتغني بالقيم الانسانية وخلف الستار في المشهد الاخر يستمرون بدعم هؤلاء المجرمين بل وتجاهل جميع ممارساتهم وتصديرهم على انهم ضحايا بعد اللعب على وتر الاقليات وحمايتهم .
إن التعويض الاهم الذي يجب أن يحصل عليه ضحايا التعذيب هو محاسبة المسؤولين عن الجريمة والمشاركين فيها ليس بصندوق تبرعات دولي أو تصريحات براقة تغطيها الدموع ، وكما يقال دوماً ” ليس حراً من يهان أمامه إنسان ولا يشعر بالإهانة .
نعم العالم يتعامل بازدواجية في كل ما يتعلق بحقوق الانسان
👍👍👍👍👍