وجهات نظر

عالقون بلا وطن

نور الدين الإسماعيل- رأي

أعاد قرار نظام الأسد منع دخول أي مواطن سوري إلى سوريا بدون دفع مبلغ 100 دولار أمريكي، إلى الواجهة مفهوم الوطن والمواطن، وعلاقة المواطن بوطنه.

تسعى الدول التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها، والتي وصلت قياداتها إلى الحكم عن طريق الانتخاب الشفاف والمنافسة الشريفة، إلى تحقيق خدمات للمواطنين داخل وخارج الحدود، وهو ما يسمى ميزات وقوة جواز السفر. بينما نشاهد أن الدول العربية عامةً وسوريا خاصةً، ليس للمواطن فيها أو خارجها أية قيمة، طبعاً وهذا ليس غريباً على عصابة اغتصبت الحكم وقتلت الشعب وسرقت الموارد.

لكن أن تصل الصفاقة والحقارة بدولة إلى أن تحرم مواطنيها حق الدخول إلى أوطانهم إذا لم يدفعوا إتاوة كبيرة تصل إلى 100 دولار فهذا لم يحصل إلا في سوريا، سوريا التي تغتصبها عصابة الأسد، والتي ترى في المواطن “كيس خرجية” وترى في الوطن مزرعة لها يجني المتنفذون محاصيلها ويحرمون المواطن من أبسط حقوقه.

الدستور والمواطن

الغريب في الأمر أن البعض حاول البحث في مواد الدستور عن مادة تجرم ما فعله النظام من منع المواطنين دخول الأراضي السورية عبر لبنان بدون دفع تلك الإتاوات، والغرابة تأتي من أن هذه العصابة لم تترك مادة في الدستور بدون أن تخرقها، من حق الحياة إلى حق المواطنة إلى حق الحرية والانتخاب والديمقراطية، بل تجاوزت كل ذلك لتصل بها إلى لَي عنق بعض النصوص لتحولها إلى سيوف مشرعة على رقاب السوريين، فقصفتهم بالصواريخ والبراميل واستقدمت المحتلين والمرتزقة من كل الأصقاع. وكله في مخالفة لما يسمى بالدستور الذي “أكله الحمار” كما جاء في مسرحية غربة للكاتب محمد الماغوط.

الوطن والمواطن

لم يستطع السوري خلال سنوات حكم الأسد الإحساس بمفهوم المواطنة، فهو بلا قيمة وبلا كرامة في وطنه وخارجه حتى أصبحت تلك الحالة من المسلمات، فأي عنصر أمن بإمكانه اعتقال من يشاء من المواطنين بدون تهمة لأن مصنع الشعارات العريضة التي ينتجها النظام، أوجد قسماً خاصاً بالتهم، وهي كافية لإيجاد كل أنواع التهم من سبّ الرئيس، مروراً بوهن نفسية الأمة، وإضعاف الشعور القومي، حتى العمالة لإسرائيل، وهي تهم فضفاضة يمكن للنظام من خلالها ممارسة كل أنواع الانتهاكات تحت سقف “الدولة”.

سوريا الأسد

عندما أطلق اللص الأكبر حافظ الأسد مقولة سوريا الأسد كان يعني ما يقول، فهي سوريا المزرعة الخاصة بعائلة الأسد وزبانيتها من المرتزقة والمتنفعين، فالنفط في أيدي “أمينة” والاقتصاد في جيب العائلة الحاكمة، والآثار من حق رجال الدولة فقط، والسيارات الفارهة من نصيب المسؤولين وأبنائهم الذين يسبحون بحمد الأسد ويقدسونه، فمن يرضى عنه النظام يسمح له بأن يلعق ما يشاء من فتات متبقة عن الرؤوس الكبيرة، ومن يسخط عليه يُقتل حتى دون أن يجرؤ أحد على المطالبة بجثته، أو تقييد وفاته في سجلات النفوس.

 

إلى متى عالقون؟

سيبقى هؤلاء السوريون عالقين على الحدود حتى يدفعوا المعلوم لرئيس القراصنة في دمشق، أو ربما سيحاول في المستقبل القريب أو البعيد إصدار قرار عفو يظهر من خلاله أمام قطيعه على أنه القائد العطوف الرؤوف الرحيم، ليعمل بمبدأ “من دهنه إقليه”، وليصبح أحد مكرمات السيد الرئيس التي لا تعد ولا تحصى.

وبين عصابة تسرق الوطن، ودول جوار عميلة تتحكم بها عصابات المافيا الطائفية، يبقى السوريون هم من يدفع الثمن أرواحاً ومالاً وقهراً، بينما تتفرج دول العالم التي تدعي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، صامتة، طالما لا يمس ذلك أمنها وأمن مواطنيها، وليبقى السوري مواطناً بلا وطن حتى يتخلص من عصابة الإجرام الأسدي وذيولها المارقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

فضلا تعطيل إضافة حاجب الإعلانات لتصفح الموقع